العدالة والمسؤولية: الشريحة الضريبية لرواتب الرؤساء التنفيذيين للبنوك الأردنية

 

حصادنيوز- د. حمزه العكاليك-  يكمّن جوهر تشريع ضريبة الدخل في مبدأ العدالة والمسؤولية المالية. فمن خلال فرض الضرائب على الدخل بإعتبارها ضريبة مباشره، تستطيع الحكومات إعادة توزيع الثروة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، والتأكد من أن الجميع يدفعون نصيبهم العادل من أجل الصالح العام. حيث تستخدم الحكومات عادةً ضريبة الدخل لتعزيز العدل والانصاف القائم على تطبيق سياسات واستراتجيات مبادىء الاقتصاد الاجتماعي من خلال شرائح ضريبية تصاعدية، حيث يدفع الأفراد ذوو الدخل المرتفع نسبة أكبر من دخلهم كضرائب مقارنة بأولئك ذوي الدخل المنخفض.

ويتمحور مفهوم العدالة الاجتماعية حول مفاهيم العدال والانصاف في توزيع الموارد والفرص والامتيازات داخل المجتمع. وهي تشمل فكرة المساواة في الوصول إلى الموارد والفرص بغض النظر عن خلفية الأفراد أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وتهدف العدالة الاجتماعية إلى ضمان حصول كل شخص على فرصة عادلة للنجاح والمشاركة الكاملة في المجتمع، ويتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية في كثير من الأحيان سياسات وممارسات تعالج أوجه عدم المساواة النظامية وتعزز الشمولية والتنوع والعدالة لجميع أفراد المجتمع.

ولقد سعت الحكومه الاردنية الى توسيع نطاق شمول الضريبة افقيا بتقليل الاعفاءات التي يحصل عليها الافراد الى 9000 دينار للفرد بعد ان كانت 12000 دينار وتنزيل اعفاءات الدراسه وقروض السكن بحد اقصى الى 1000 دينار لكل منهما؛ وعليه وبالاطلاع على قانون ضريبة الدخل رقم ( 34 ) لسنة 2014  نجد تناقض مع هذا السعي لتوسيع مظلة الضريبة بان تم منح دعم غير مباشر لرواتب للرؤساء التنفيذيين بما يصل الى 10% من قيمتها السنوية مما يساوي اكثر من 70 الف دينار سنويا لكل مدير تنفيذي؛ فالمادة (11)  من القانون المذكور نصت على : ‌أ-    تستوفى الضريبة للشخص الطبيعي من الدخل الخاضع للضريبة وفقاً للنسب التالية كما يلي: 5-    (25%) خمسة وعشرون بالمائة عن كل دينار مما تلاها ولغاية مليون دينار. 6-    (30%) ثلاثون بالمائة عن كل دينار من الدخل الخاضع للضريبة للمكلف الذي يزيد على (1000000) مليون دينار. وبما أن القانون السالف الذكر نص على ان البنوك تخضع لشريحة ضريبة مقدارها 35%  ب- تستوفى الضريبة عن الدخل الخاضع للضريبة للشخص الاعتباري حسب النسب التالية:

3-    (35%) خمسة وثلاثون بالمائة للبنوك.  وعليه فان الدخل الشخصي للافراد من 200 الف دينار وحتى مليون دينار يخضع لشريحة 25% مما يثير الكثير من التساؤلات حول حجم الشريحة الضريبة باخضاع مبلغ 800 الف دينار لنسبة ضريبة واحدة على الرغم من ان الشرائح السابقة لهذه الشريحة اصغر بكثير فالفارق بين كل شريحة ضريبية واخرى هو 5000 الى ان يصل الدخل السنوي للمكلف 200 الف دينار وحتى مليون دينار فتم اخضاعها لشريحة ضريبية واحدة مقدارها 25%.

وبالاطلاع على الممارسات العالمية يتبين ان شريحة الضريبة التي يخضع لها الدخل من الاجور والرواتب تخضع لنسبة بين 35% للدخل الذي يتجاوز 200000 وقد تصل 55% اذا ما زاد الدخل من الرواتب والاجور والمكافأت عن 500000 حسب عملة البلد؛ فعلى سبيل المثال فأن شريحة الرواتب في الولايات المتحدة  التي تزيد عن ($578,125) تخضع لنسبة (37%) واما في السويد فان الدخول المتأتية من الرواتب والتي تزيد عن (615. 300 SEK) تخضع لشريحة (50%) والحال في استراليا لا يختلف كثيرا فالرواتب التي تزيد عن 180 الف دولار تخضع لنسبة 45%؛ واما في انجلترا فان الرواتب التي تزيد عن (£150,000) بعد خصم التنزيلات المسموحه تخضع لشريحة (45%) اخيرا وليس اخرا فان النسبة التي تخضع لها الرواتب في المانيا هي (45%) لشريحة الرواتب التي تزيد عن (277,825).

وبإجراء مقارنه بسيطة بين الشرائح التصاعدية لضريبة الدخل في الاردن والمعايير العالمية فان الرؤساء التنفيذيين للبنوك يحصلون على دعم غير مستحق بما يقارب ال 6000 دينار شهريا مما يساوي الدعم المقدم لحوالي 24 عائلة تحصل على ما مقداره 250 دينار كدعم من صندوق المعونه الوطنية. وهذا اذا ما علمنا ان رواتب الرؤساء التنفيذيين في اغلب البنوك الاردنية هي ضمن خانة ما يزيد عن 75 الف دينار شهريا للرئيس التنفيذي.

وبالرجوع الى التقاريرالمالية المعلنه للبنوك فأن رواتب الرؤساء التنفيذيين للبنوك على سبيل المثال لا الحصر كالاتي؛ الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد يتقاضى 734 الف دينار سنويا واما الرئيس التنفيذي لبنك الاسكان فيتقاضى 1.046 مليون دينار وكذلك فان الرئيس التنفيذي لبنك القاهره عمان يتقاضى 994 الف دينار والرئيس التنفيذي للبنك الاسلامي يتقاضى 894 الف دينار والرئيس التنفيذي للبنك العربي تتقاضى 970 الف والرئيس التنفيذي للبنك الاردني الكويتي يتقاضى 931 الف دينار.

فهذه الرواتب وحسب مصدر تحققها كدخل خاضع للضريبة هي جزء من ارباح البنوك التي تخضع لشريحة 35% من ارباح البنوك الا ان قانون ضريبة الدخل اخضاعها  لشريحة 25% كدخل شخصي وعليه فانه من الواجب على القانون الاردني تطبيق المعايير العالمية لضريبة الدخل المفروضه على الرواتب وذلك لتحقيق الغايه الاساسيه من فرض ضريبة الدخل الا وهي مبادىء إعادة توزيع الثروة، وتعزيز العدالة الاجتماعية.