حصادنيوز-عبد المنعم عاكف الزعبي -يعتمد نجاح أي تحليل أو دراسة أو مقال اقتصادي على توفر البيانات الصادرة عن الجهات الرسمية وغير الرسمية. وفي الحالتين، يكون الدور الأكبر للحكومة. فهي من تضع السياسات وتقترح التشريعات وتتبع الممارسات الخاصة بتوفير البيانات ومستوى جودتها وشفافيتها. في الأردن، يمكن القول بأن الحكومة (الحكومات المتعاقبة) تمكنت من تحقيق مستوى متقدم من الشفافية والجودة على مستوى البيانات الاقتصادية. فإضافة إلى سهولة الوصول إليها إلكترونيا، تتمتع البيانات الاقتصادية في المملكة بسرعة الصدور، وانتظام النشر، والتعمق بالتفاصيل، والشفافية المرتفعة، حتى لو كان ذلك على حساب تعريض الحكومة للانتقاد والمساءلة. ومن قصص النجاح الجديرة بالذكر، النشرة الشهرية للبنك المركزي، والنشرة المالية الشهرية والحسابات الختامية لوزارة المالية، وإحصائيات التجارة والبطالة لدائرة الإحصاءات العامة، والتقارير السنوية للشركات الحكومية، بما فيها تلك الأكثر حساسية على المستوى المالي والاقتصادي مثل شركة الكهرباء الوطنية والملكية الأردنية وسلطة المياه، وتقارير صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، واستراتيجيات قطاعي الطاقة والمياه، وغيرها مما لا تتسع المساحة لتناولها. لولا هذه البيانات لما تمكن المختصون والمتابعون والكتاب من توجيه النقد للحكومة، وهو أمر يستدعي الثناء والإشادة. ولكن ذلك لا يعني أن هذا النجاح يصب في صالح الكتاب والمحللين بالدرجة الأولى. بل إن المستفيد الأول من هذا الجهد هو الحكومة ذاتها. فذات الشفافية التي عرضت الحكومة لبعض الانتقاد، جنبت الدولة كاملة موجات من التضليل والافتراء، كان يمكن ان تنال من مسلمات استقرارنا الاقتصادي، لو لم تواجه رصيدا مرتفعا من المصداقية التراكمية للأرقام الرسمية. وللقارئ أن يتخيل الوضع المضطرب الذي كنا سنعانيه لو لم تتوفر المصداقية في بياناتنا الاقتصادية عن الاحتياطيات الأجنبية مثلا، أو عن الدين العام، وعجز الموازنة. أو لو كانت تلك البيانات تصدر مرة واحدة كل عام بفجوة زمنية تفسح المجال للتأويل والإشاعات والروايات المغرضة. قصة النجاح في ملف البيانات الاقتصادية تستدعي من الدولة حمايتها والبناء عليها، لا بل وربما استنساخها لقطاعات أخرى بهدف بناء مسنوب أعلى من الثقة والمصداقية. كما أن من المهم الابتعاد عن المغالاة في التلميع الشعبوي لمسلمات الاستقرار الاقتصادي، وترك البيانات والقراءات الفنية تتحدث. |