حصادنيوز-مصدر رئاسي: لا فصل لغزة عن الضفة ونمرر رسائل إلى إيران سعياً وراء خفض التصعيد
رأى قصر الإليزيه في بيان أصدره، الاثنين، أن «زيارة الدولة» من يومين – الثلاثاء والأربعاء – التي يقوم بها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويرافقه فيها وفد وزاري واقتصادي كبير، ستوفر الفرصة، من جهة، «تعميق العلاقات الثنائية» بين الطرفين وفق رؤية البلدين 2020 ــ 2030 في مجالات الأمن والدفاع والاستثمارات والاقتصاد، ومن جهة ثانية، تعزيز العلاقات الثقافية والتعاون في ميدان التنمية. كما رحب البيان بـ«نوعية التشاور الفرنسي القطري بشأن الملفات الإقليمية والدولية».
و«زيارة الدولة» التي يقوم بها أمير قطر إلى باريس هي الأولى التي تحمل هذه الصفة منذ توليه العرش في عام 2013، وتعد الأرفع بالنسبة للزيارات الرسمية.
ملفا غزة ولبنان
وأفادت مصادر قصر الإليزيه بأنه، إلى جانب ملفي غزة ولبنان والوضع الإقليمي بشكل عام، اللذين سيحظيان بمساحات واسعة من الاجتماع المغلق، ثم الاجتماع الموسع بين وفدي البلدين الذي سيجري عصر الثلاثاء في القصر الرئاسي، سيراجع الطرفان علاقاتهما الثنائية بحثاً عن مزيد من التعاون في كل القطاعات. وفي هذا السياق، سيلتئم مؤتمر اقتصادي كبير تحت رعاية رئيسي حكومتي البلدين، وسيوفر المجال لمناقشة كل نواحي العلاقات الثنائية وقطاعات التعاون والاستثمار. كذلك فإن باريس تبدي ارتياحها للتعاون والتنسيق القائمين مع الدوحة في مجال توفير المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وبعدها «العمل من أجل توفير دفع حاسم لا يمكن التراجع من أجل حل الدولتين الذي هو «الوحيد القادر على توفير الأمن والسلام للطرفين».
اهتمام باريس بعلاقاتها مع الدوحة
وتشير مصادر فرنسية إلى أن باريس مهتمة بتعزيز علاقاتها مع الدوحة لأكثر من سبب؛ فهي أولاً، وفق أوساط فرنسية، «طرف فاعل في الوساطة القائمة بين (حماس) وإسرائيل، بينما فرنسا ليست طرفاً فيها». ويشارك رئيس الحكومة القطرية ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني شخصياً مباشرة في الاتصالات والاجتماعات الساعية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو هدنة طويلة الأمد. وكان حاضراً نهاية الأسبوع المنصرم في باريس لجولة مباحثات جديدة مصرية ــ قطرية ــ أميركية ـ إسرائيلية من يومين. وتفيد المعلومات المتوافرة حولها فرنسياً أن الأطراف الأربعة توصلوا إلى «اتفاق إطاري» جديد لهدنة من 6 أسابيع تنطلق بعد أسبوعين، وتغطي كامل شهر رمضان. فضلاً عن ذلك، فإن أمير قطر استقبل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وفق بيان صادر عن الديوان الأميري لعرض الجهود المبذولة لإتمام التوافق المبدئي.
وهذا يعني أن الدوحة «طرف فاعل» في المفاوضات بفضل استضافتها القيادة السياسية لـ«حماس» في عاصمتها، وبفضل التمويل الذي توفره للحركة شهرياً. كذلك، فإن باريس تواصل جهودها لإطلاق سراح 3 من مواطنيها ما زالوا محتجزين في غزة بأيدي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وهي تراهن على دور تقوم به الدوحة لإخراجهم من غزة.
وفي السياق نفسه، تقدر باريس الدور الذي تلعبه قطر في إطار «مجموعة الاتصال» بشأن حرب غزة التي نتجت عن القمة التي استضافتها الرياض بداية شهر فبراير (شباط) الحالي والتي تنشط على الصعيد الدولي. ويؤكد مصدر رئاسي فرنسي أن باريس والدوحة «تعملان مع الشركاء الدوليين بهذا الاتجاه».
ومن الملفات التي سيجري بحثها مسألة «ترميم السلطة الفلسطينية وإعادتها لغزة» التي أخرجت منها بقوة السلاح قبل 10 سنوات. وبذلك ستكون غزة «في قلب المحادثات» التي سيجريها الطرفان، ومن بين ملفاتها مواصلة التعاون الثنائي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب من خلال عمليات مشتركة وبينها 3 رحلات جوية إلى مطار العريش المصري في سيناء وإخلاء جرحى.
باريس تذكر بمبادئها
ومقابل الجهود التي تبذلها قطر، تذكر باريس بالمبادئ التي تسير على هديها وعلى الدور الذي تلعبه إن في مجلس الأمن أو داخل الاتحاد الأوروبي أو في إطار مجموعتي السبع والعشرين… وشدد المصدر الرئاسي على أن غزة «جزء من حل الدولتين كما الضفة الغربية» وعلى عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع «شرط أن يصار إلى تجديدها وإصلاحها وتقويتها» وقبل ذلك على «أولوية» التوصل إلى وقف إطلاق النار. وتنبه باريس من التهديدات التي تطأ بثقلها على حل الدولتين وأولها الاستيطان الذي «تدينه»، وكذلك العنف الذي يمارسه المستوطنون بحق الفلسطينيين، وقد اتخذت بحق 28 منهم عقوبات على الصعيد الوطني وتسعى لدفع الاتحاد الأوروبي لسلوك الدرب نفسه.
أما في ملف المساعدات الإنسانية، فإن باريس ترى، كما غيرها من العواصم والمنظمات الدولية، أنها غير كافية بتاتاً؛ ولذا فإنها تطالب بأن تصبح «مكثفة»، ولن يكون ذلك متاحاً، وفق المصدر الرئاسي، إلا من خلال فتح كل المعابر أمام تدفقها. ودعا الإليزيه إلى فتح مرفأ أشدود، وتكثيف العبور من خلال معبري رفح وكرم سالم، إلا أن هذه الدعوة ستبقى من غير أثر ميدانياً بالنظر للشروط والعقبات التي تضعها إسرائيل.
تريد باريس النظر في إمكانية أن تساعدها قطر على إقناع إيران بالإفراج عن 4 رهائن فرنسيين محتجزين لديها. وحتى اليوم، لم تنفع الدعوات الفرنسية في دفعها لإخلاء سبيلهم. وما يشجعها في هذا السبيل أن الدوحة نجحت في عقد صفقة أميركية ــ إيرانية أفرجت بموجبها طهران عن 5 رهائن أميركيين.
الفراغ الرئاسي في لبنان
وبالتوازي مع غزة، سيكون الملف اللبناني حاضراً بقوة خلال محادثات ماكرون ــ تميم أو بين الوزراء المعنيين. وباريس والدوحة كلتاهما عضو في اللجنة الخماسية التي تحاول مساعدة لبنان على ملء الفراغ الرئاسي، والإسراع في انتخاب رئيس جديد بينما الحرب على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية تدق الأبواب. وقدمت باريس، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، خطة متدرجة لنزع فتيل التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، ووعدت الحكومة اللبنانية، بلسان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب بالرد عليها رسمياً الأسبوع المقبل. وفهم من أوساط تتابع الملف اللبناني في العاصمة الفرنسية أن باريس ستحث الدوحة على مواصلة تقديم الدعم المالي للجيش اللبناني الذي زار قائده العاصمة القطرية أكثر من مرة وهو يقيم علاقات جيدة مع سلطاتها. وبنظر فرنسا، فإن دور الجيش يعد عنصراً «أساسياً» في خفض التصعيد، وتجنب الحرب الشاملة بين إسرائيل و«حزب الله». كذلك، لم تفت الإليزيه الإشارة إلى أن باريس «تعمل مع كل شركائها الدوليين (والإقليميين)، ومنهم قطر لسد الفراغ» الرئاسي و«لتجنب التصعيد في المنطقة خصوصاً في لبنان». ولهذا الغرض، فإنها «تمرر الرسائل على أعلى المستويات إلى إيران» من خلال كثير من الاتصالات عالية المستوى بما فيها بين ماكرون والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.