حصادنيوز-بقلم المحامي محمد بركة القيسي -مشروع القانون المعدل لقانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات الذي يناقش تحت قبة البرلمان خلال هذه الفترة يقترب من استكمال الإجراءات والمراحل الدستورية لإقراره بعد انتظار استمر منذ العام 2019، وهو العام الذي تمّ خلاله إرسال مشروع القانون المعدل إلى مجلس الأمة.
يأتي مشروع القانون المعدل ليتواءم والمبادئ الأساسية التي كرسها الدستور الأردني ابتداء، والمبادئ التي كرستها المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتي تؤكد على ضرورة انسياب المعلومات والكشف الأقصى عنها وأن تكون الاستثناءات في أضيق الحدود وإزالة التعارض التشريعي وتكريس مبدأ الافصاح الاستباقي عن المعلومات وتعزيز مبدأ الاجتماعات المفتوحة للجمهور وتسهيل إجراءات الحصول على المعلومات سواء بتقصير مدة إجابة الطلب وتقديم تسهيلات خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة ولكبار السن وغيرهم، بالإضافة للترويج للحكومة الشفافة وتعزيز ثقافة انسياب المعلومات وغيرها.
وكذلك يأتي مشروع القانون المعدل هذا ليتواءم والالتزام الخامس في الخطة الوطنية لمبادرة شراكة الحكومات الشفافة المتضمن مأسسة إجراءات إنفاذ حق الحصول على المعلومات لغايات تطوير منظومة الحصول على المعلومات وتحسين جودة المعلومة المقدمة، وبناء نظام موحد لتصنيف وإدارة المعلومات الحكومية، وذلك لتجاوز التحدي القائم المتمثل في تباين تصنيف المعلومات تبعا لسريتها من مؤسسة إلى أخرى ولغياب الرقابة الإدارية والقضائية على عملية التصنيف، وهو الأمر الذي تمخض عنه إصدار ثلاثة بروتوكولات سبقت إصدار واقرار مشروع القانون المعدل تتعلق بتصنيف المعلومات ومأسسة إجراءات الحصول على المعلومات وبرتوكول الأرشفة والتوثيق والتي تعكس أفضل الممارسات الدولية في هذا الاطار المكرس للحق في الحصول على المعلومات والتي تم تعميمها على المؤسسات المعنية بتطبيق القانون بقرار صادر عن مجلس الوزراء.
قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات قانون تدرك الدولة الأردنية بأركانها كافة أهميته ومحوريته في عملية الإصلاح. وقد كانت التوجيهات الملكية واضحة في هذا السياق وفي أكثر من اجتماع ولقاء عقده جلالة الملك عبدالله الثاني مع الجهات ذات العلاقة؛ حيث أكد مرارا على أن مشروع التحديث بمساراته الثلاثة السياسية والاقتصادية والإدارية هو مشروع دولة لا يقبل التراخي في تنفيذه أو التراجع عنه أو تأجيله، وأشار في السياق ذاته إلى ضرورة التواصل مع المواطنين ليشعروا بأنهم شركاء وأن الحكومة تعمل من أجلهم ولصالحهم، وأن يلمس المواطنون حجم الإنجاز، مؤكدًا على حق وسائل الإعلام والمواطنين بالحصول على المعلومات والتواصل المستمر مع وسائل الإعلام المهنية، كون البديل هو انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات.
هذا التأكيد الملكي كان مصدره الإيمان بأن الحديث عن إصلاح سياسي واقتصادي وإداري لا يمكن أن يقوم وتدشين دعائمه دون قدرة وسائل الإعلام على الحصول على المعلومات التي تمكنها من القيام بمهامها في نقل الحقائق وفي الوقوف على مدى الإيفاء بهذه الالتزامات، وفي الوقت ذاته فإن هذا الحق من شأنه تمكين الأفراد من تبني المواقف وتشكيل الآراء بناء على معلومات حقيقية بعيدا عن المعلومات المضللة أو الزائفة وما تثيره من قلاقل في المجتمع، والأهم من ذلك هو إعادة بناء الثقة بين سلطات الدولة والمواطنين وهي الغاية المنشودة.