حصادنيوز-بداية، لقد أبلى الإعلام العربي، بكل أنواعه، بلاء حسنًا، وهو ينقل، وعلى مدار الساعة، المجازر الهمجية التي ترتكبها آلة البطش الصهيونية، بحق الأهل في قطاع غزة، فلولاه، ما كان للمشاهد، أكان عربيًا أم أجنبيًا، أن يقف على حقائق الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون، على مرأى ومسمع العالم.لكن يتوجب علينا كمشاهدين أو متابعين للأحداث هناك، أن نتيقظ جيدًا، لتلك المشاهد، فحتمًا، وعلى الرغم من إيجابياتها، إلا أنها تبعث بإشارات أو رسائل، أقل ما يقال عنها إنها سلبية، قد تعود بنتائج عكسية على الأمد البعيد.. وهنا مربط الفرس!.إعلام العدو الإسرائيلي، بارع وبكل إتقان بإخفاء خسائره، أكانت عسكرية أم مدنية، جراء بسالة وثبات المقاومة الفلسطينية، بكل فصائلها، فدولة الاحتلال تسيطر سيطرة شبه كاملة على إعلامها، إلى درجة أن الأخير لا يذكر قتلى الجيش الصهيوني، إلا بحدود ما يسمح له.
على عكس إعلام العدو الإسرائيلي، يفعل الإعلام العربي تمامًا، من غير قصد، حتى لا أُتهم بتخوينه.. فعندما ترى إعلام العدو لا يركز على خسائر جيشه، ولا يشير إلى المشاكل التي يمر بها، وهو ودولته الإرهابية، ويتسابق إلى حذف صور وفيديوهات، على مواقع التواصل الاجتماعي، لجنوده المقبورين، سواء بفعل قوة المقاومة الفلسطينية، أو جراء انتحارهم على خط النار، خوفًا وهلعًا وجُبنًا.
ترى الإعلام العربي، يسلط الضوء، بشكل مبالغ فيه، وقد يكون على جهل، على عدد الشهداء في قطاع غزة، من أطفال ونساء وشيوخ، والجرحى، والوضع المزري في المستشفيات، وباقي أماكن الحياة، فضلًا عن الدمار الهائل الذي أحدثته المجازر الصهيونية، بفعل صواريخها وطائراتها ومدفعيتها، ناهيك عن مشاهد الانكسار والضعف والهوان.
وإن كان ذلك له آثار إيجابية، من شأنها إيصال ما يتعرض له الغزيون من إبادة جماعية، إلى الرأي العام العربي والعالم، إلا أنه تبقى لها آثار سلبية، قد تُحدث ردة فعل عكسية لدى الإنسان العربي، خصوصًا ذلك القاطن في الدول المحيطة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ قد يبدأ يُحدث نفسه، بأن القضية الفلسطينية قد انتهت، وأن قطاع غزة قد انتهى، وأصبح عينًا بعد أثر.
ومن السلبيات أيضًا، أن الإنسان العربي قد يتسلل الخوف إلى قلبه، من أن يحصل لبلده، مثلما حصل في غزة، وكذلك قد يكون مصير أبنائه أو والديه أو زوجته، مثل مصير الآلاف من الغزيين.
والنقطة الأهم، تتركز في بث الرعب في نفوس أطفال العرب، الذين هم قادة المستقبل، فهؤلاء ستبقى تلك المشاهد حاضرة أمام أعينهم..
وهذه قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية، فإيجابيتها أن الطفل العربي لن ينسى ما شاهدته عيناه من قتل وتدمير وإبادة، أما السلبية فقد تجعل تلك المشاهد منه خائفًا مرعوبًا طوال الوقت من أن يحصل له مثلما حصل لأقرانه في غزة.. وهذه يجب التنبه إليها جيدًا، وتقع مسؤوليتها على الجميع، من دولة وأُسر ومدارس وبيوت عبادة، وكذلك الإعلام.
للأسف، فإن صور وفيديوهات الانكسار والضعف، أصبحت منتشرة وبكثرة بوسائل إعلامنا المختلفة، وهما أمران يُفضلهما الكيان الصهيوني، فذلك أحد خططه الرئيسة بعيدة المدى.
فلماذا لا يتم التركيز أكثر، على ذلك الطفل الغزي، الذي يقول على شاشات الفضائيات، وهو مُبتسم،: “إحنا مُرابطين، وباقون هُنا، ومُناصرين للمُقاومة”؟.. يقول ذلك والدمار وصوت القنابل والمُتفجرات والطائرات، يُحيط به من كُل صوب وحدب.
ومن السلبيات التي يتعرض لها المُشاهد العربي، لمجازر الإبادة الجماعية، على القنوات الفضائية، أنه قد يعيش في رعب وخوف من المجهول، وقد يصل الأمر إلى انهياره، والعيش في كآبة، إلى درجة قد تصل ألا يستطيع معها العمل.. فالعدو الإسرائيلي، يُخطط لمدى بعيد جدًا، يوصل فيه المواطن العربي إلى مرحلة عدم الإيمان بأي شيء.