حصادنيوز– شَهِدَتْ محاور الجنوب تسخيناً لافتاً، يوم الأحد، وتعرّض محيط بلدتي علما الشعب والضهيرة، منذ الصباح، لقصف اسرائيلي عنيف، ترافق مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف خلية حاولت إطلاق صاروخ مضاد للدروع قرب أفيفيم، في وقت أطلق “حزب الله” صواريخ على موقع العباد، مستهدفاً أجهزة تقنية وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا. وردّ جيش الاحتلال بقصف أطراف بلدة حولا وتلة الرويسة.
وعاد الجيش الإسرائيلي ليتحدث عن تنفيذ مسيّرة غارة على خلية في جنوب لبنان كانت تستعد لشن هجوم صاروخي، وعن إطلاق نار من أسلحة خفيفة باتجاه أحد مواقعه العسكرية في مسكافعام من داخل الحدود اللبنانية.
ويأتي هذا القصف بعد احتدام المواجهات في المناطق الحدودية، مساء السبت، بدءاً بأطراف بلدتَي الضهيرة وعلما الشعب في القطاع الغربي، بعدما أطلق “حزب الله” صواريخ عدة باتجاه جبل دوف، حيث ردّ جيش الاحتلال مستهدفاً ستة من عناصر الحزب، إضافة إلى إصابة سيارة في حولا ومقتل سائقها، ونفذت طائرات إسرائيلية غارات على أطراف عيتا الشعب ورامية ومنطقة المكب بين يارون وبنت جبيل.
وأعلنت القوات الإسرائيلية مقتل أحد جنودها وإصابة اثنين بجروح في قصف على شمال البلاد، وتحدث إعلام الدولة العبرية أنه “سيتم إخلاء 14 مستوطنة جديدة تقع ضمن الـ 5 كلم عن الحدود مع لبنان”.
وفي جديد مواقف “حزب الله”، قال نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم: “تلقينا الكثير من الاتصالات لمنع التدخل في العدوان على غزة، لكننا الآن في قلب المعركة ونحقق إنجازات فيها”.
وسأل: “هل تعملون أن ثلاث فرق موجودة في جنوب لبنان في مقابل “حزب الله”، وخمس فرق موجودة في مقابل غزة، ولو لم يكن “حزب الله” جزءاً في هذه المواجهة لكانت كل هذه الفرق هناك”. وأضاف: “ليكن واضحًا؛ كلما تتالت الأحداث ونشأ ما يستدعي أن يكون تدخلنا أكبر فسنفعل ذلك، وليعلم العدو أننا جاهزون وحاضرون. وأقدم نصيحة لإسرائيل ومن خلفها: هُزمتم شر هزيمة في طوفان الأقصى، فاكتفوا بها حتى لا تُهزموا هزيمة أخرى”، مشيراً إلى “أن المفاجآت الموجودة في غزة ستجعل الدخول البري الإسرائيلي مقبرة للإسرائيليين”.
أما عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، وتعليقاً على غياب أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله عن الإطلالات الإعلامية، رأى، في مؤتمر صحافي أن: “عدم اطلالة نصرالله يُربك العدو أكثر، وعندما يأتي موعد الإطلالة فستجدونه قد أطلّ على الرأي العام، ونحن جاهزون لكل الاحتمالات”، معتبراً أن “إطلالة السيد نصرالله الإعلامية جزءٌ من إدارة المعركة، وهي مبنية على حكمة وجرأة وفهم العدو والمعركة. وإذا اقتضت إدارة المعركة أن يطل على الرأي العام سيطل”.
وكان الإعلام الحربي في “حزب الله” نعى 6 من عناصره “ارتقوا أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي”، وهم: إسماعيل أحمد الزين “حيدر علي” من بلدة شحور، علي خليل خريس “حيدر” من بلدة الخيام، نمر رميتي “أبو علي نور” من بلدة المجادل، عباس بسام شومان “أبو الفضل” من بلدة النبي نعام في البقاع، إبراهيم حسن عطوي “أبو تراب” من بلدة الصوانة، ووسام محمد حيدر “أحمد عباس” من الخيام.
تزامناً، اعتبر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كورنيكوس أن “حزب الله يجرّ لبنان إلى حرب”، واتهم، عبر منصة “إكس”، الحزب بـ “السعي إلى التصعيد العسكري في المنطقة الحدودية”، محذراً من أن “حزب الله يعتدي ويجر لبنان إلى حرب لن يجني منها شيئاً، إنما قد يخسر فيها الكثير”.
بالموازاة، وبعد موجة القلق التي تسود في صفوف اللبنانيين بعد بيانات السفارات الأجنبية التي تطالب رعاياها بمغادرة لبنان ونقل 14 طائرة لشركة “الميدل إيست” إلى الخارج كتدبير احترازي، أوضح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن “الاتصالات الدبلوماسية التي نقوم بها دولياً وعربياً، واللقاءات المحلية مستمرة في سبيل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وجنوبه تحديداً، ومنع تمدد الحرب الدائرة في غزة إلى لبنان”. وقال ميقاتي أمام زوّاره: “إنني أتفهّم شعور الخوف والقلق الذي ينتاب اللبنانيين جراء ما يحصل، ودعوات عدد من السفارات لرعاياها لمغادرة لبنان، لكنني لن أتوانى عن بذل كل الجهود لحماية لبنان. وإن الاجتماعات والاستعدادات التي نقوم بها من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل، هي خطوة وقائية أساسية من باب الحيطة، لأننا في مواجهة عدو نعرف تاريخه الدموي، ولكننا، في الوقت ذاته، مطمئنون إلى أن أصدقاء لبنان يواصلون معنا بذل كل الجهود لإعادة الوضع إلى طبيعته وعدم تطوره نحو الأسوأ”، مضيفاً: “إن التدابير المتخذة في المطار، ومن قبل “شركة طيران الشرق الأوسط” هي أيضاً من باب الوقاية والحذر، والاعتبارات المتعلقة بإدارة المخاطر، ولم نتلق أي معطيات تفيد بأي أمر جلل قد يحصل في المطار، وبإذن الله ستكون التدابير الاستثنائية لفترة وجيزة ليعود بعدها الوضع إلى طبيعته”.
وتابع ميقاتي: “في زمن الأزمات والمحن تكثر الشائعات والأخبار الكاذبة، وجزء منها يندرج في إطار الحرب النفسية على اللبنانيين لإحباطهم، ولكنني على ثقة بأن شعبنا سيتجاوز هذه المحنة كسابقاتها، ولن يسمح للعدو بأن ينال منه ومن صموده”. وختم: “كنا آثرنا في بداية الأزمة انتهاج العمل الصامت البعيد عن الإعلام، لكن البعض استغل ذلك ليشن حملة غير مبررة على الحكومة ويثير الهلع لدى الناس، ولمواجهة ذلك قررت وضع اللبنانيين أولاً بأول في صورة ما نقوم به، وأدعو أهلنا إلى الوثوق بأننا مستمرون في الجهد المطلوب لإبعاد كل أذى عن لبنان”.
ويأتي كلام رئيس الحكومة اللبنانية بعد تغييب لبنان عن “قمة القاهرة للسلام”، وما تركه من تساؤلات، وقبل تلقيه اتصالاً من أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الذي وضعه في أجواء قمة القاهرة، وتم البحث في الوضع في لبنان. إلا أن هذا الغياب عوّضته إلى حد ما رسالة إلى المؤتمر وجّهَها أكثر من 50 شخصية لبنانية وعربية، بينهم الرؤساء السابقون: ميشال سليمان وأمين الجميل وفؤاد السنيورة والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. ودعت الرسالة إلى “اتخاذ موقف موحد رافض للعدوان وداعم لاستثمار المكانة المعنوية والمادية والاقتصادية للدول العربية والدول الصديقة في تعزيز الجهود لمواجهة وردع ووقف هذا العدوان الظالم، واتخاذ الترتيبات اللازمة لعقد مؤتمر دولي من أجل تنفيذ المبادرة العربية للسلام وإقرار حل الدولتين. كما فرض التزام إسرائيل وتطبيقها للقرارات الدولية ذات الصلة، والبدء فوراً بإدخال المساعدات الغذائية والدوائية إلى غزة، وإنهاء حصار إسرائيل اللاإنساني وإنشاء صندوق عربي ودولي لإعادة إعمار غزة والمناطق التي تم تدميرها”.
وبالتزامن مع المخاطر التي تحدق بالبلاد، واقتراب إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد، مطلع كانون الثاني/يناير، دعا النائب السابق وليد جنبلاط ضمناً إلى التمديد لقائد الجيش، وكتب على منصة “إكس”: “أما وأن البلاد في شبه حالة حرب، أيعقل أن تقاطع بعض القوى السياسية وبعض الشخصيات مجلس الوزراء للتمديد لقائد الجيش الحالي ولتعيين رئيس الأركان”. واستطرد: “كفانا حسابات رئاسية متخلّفة، فلنكن جبهة عمل واحدة لمواجهة أقصى الاحتمالات”.