حصادنيوز-مرت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في عمّان دون أي تعليق رسمي، برغم أن هذه التصريحات تؤشر على الأردن على المستوى الأمني بشكل حساس جدا في هذا التوقيت.
يخرج وزير الدفاع الإسرائيلي ويقول في مؤتمر أمني دولي استضافته جامعة رايتشمان الإسرائيلية ونقلته وسائل إعلام إسرائيلية، ويعرض صورا جوية لما قال إنه مطار بنته إيران جنوب لبنان بهدف تحقيق أهداف عسكرية ضد إسرائيل، ويضيف ان هناك مسعى إيرانيا لصنع جبهة خطر أخرى على حدود إسرائيل مع الأردن الذي تربطه معاهدة سلام مع إسرائيل، عبر ميليشيات تعمل وتتمركز في العراق، اي ان الوزير يتحدث عن نوايا ايرانية لاختراق الاردن والوصول الى إسرائيل، وهذه مناحة إسرائيلية جديدة ترتبط مجددا بالأردن وحدوده الشرقية.
سبق هذا الكلام معلومات من مصادر متطابقة كلها تتحدث عن هلع إسرائيلي من عمليات تهريب السلاح من جنوب سورية، إلى الأردن، بهدف إعادة تهريبها إلى فلسطين، ومن أجل تنفيذ عمليات مسلحة ضد إسرائيل على يد تنظيمات فلسطينية في الضفة الغربية تحديدا، وأعلنت إسرائيل خلال 2023 عن أكثر من سبعة وعشرين عملية تهريب سلاح تم افشالها بعد أن حاول المهربون عبور الحدود الأردنية الفلسطينية، غير العمليات التي نجحت وتمت ولم يلق القبض على من قاموا بها، بما ثبت انه يوطئ لاقامة جدار على طول الحدود الأردنية الفلسطينية بذريعة عمليات تهريب السلاح إلى الضفة بتمويل إيراني عبر سورية، التي يضاف اليها اليوم المخاوف من إيران واحتمال تهريب السلاح عبر الحدود مع العراق.
من الملاحظ هنا أن هناك اتهاما مباشرا للأردن بكونه ساحة لتهريب الاسلحة من سورية، وانه سيكون ساحة لتهريب الاسلحة من العراق، بالإضافة إلى عناصر مدربة ربما، وفي الحالتين توجه إسرائيل الاتهامات الضمنية للأردن بكونه مفتوح الحدود، ولا يمنع عمليات تهريب السلاح، وتصعد إسرائيل في لغتها الضمنية وكأنها تضغط على الأردن للدخول في مواجهة وجها لوجه نيابة عنها مع إيران، وسط إقليم متقلب، أصبحت فيه إيران دولة حاكمة على عدة دول أصلا.
لا تعرف ما الذي تريده إسرائيل تحديدا من كثرة الزج بثنائية الأردن وإيران في أمنها الداخلي، لان إسرائيل التي تتخوف من جنوب لبنان لاعتبارات تتعلق بوجود الصواريخ المدعومة من إيران، تريد اليوم شبك الأردن في ذات الجبهة، من خلال التأشير على سورية والعراق، ومخططات إيران في المنطقة، وتحديدا العبور إلى الأردن، هذا في الوقت الذي يحاول فيه الأردن جاهدا تحسين علاقاته مع سورية والعراق، لكن إسرائيل تريد اثارة المخاوف داخل الأردن بشأن المخططات الأمنية لإيران من خلال الجبهتين السابقتين، واعلاء الحسابات الأمنية، على الحسابات السياسية والاقتصادية المتعلقة بتحسين العلاقات بين الأردن والجارين.
يقوم الأردن بحماية حدوده من كل عمليات التسلل وتهريب المخدرات والسلاح، مثل أي دولة في العالم، وليس في اطار توصيف وظيفي لدور أمني نيابة عن إسرائيل، لكن من الواضح أن كثرة الكلام عن ملف الحدود مع سورية والعراق، ودور إيران في الأردن، له استهدافات استراتيجية من جانب إسرائيل، وكأن المطلوب ان يبني الأردن حول ذاته جدارا عازلا على الطريقة الإسرائيلية لحماية أمن إسرائيل على المدى الإستراتيجي.
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي تستثمر في المخاوف الأمنية في المنطقة من مشروع التمدد الإيراني، هذا على الرغم من أن إسرائيل حتى الآن لم تتمكن من التعامل مع الأخطار المتدفقة من سورية ولبنان وإيران ومن داخل فلسطين ذاتها بخصوص امنها، وتجد تل ابيب للمفارقة وقتا لتوسيع دائرة المعركة لتشمل الأردن ايضا، باعتباره نقطة هشة في خريطة الشرق الأوسط.
حدود فلسطين مفتوحة من كل الجهات وتهريب الاسلحة أو صناعتها داخل فلسطين ليس بحاجة الى كل هذا التهويل، الذي يستهدف تجنيد كل المنطقة للدخول في معركة حماية أمن إسرائيل، وما يمكن أن يقال هنا ان تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، من جهة حول الحدود مع العراق، وضخ المعلومات حول عمليات تهريب السلاح من سورية إلى الأردن فالضفة الغربية، وتصريحات لمسؤولين إيرانيين عن نوايا بتهريب السلاح الى الضفة الغربية كلها تستهدف إعادة تشكيل المشهد الأمني في هذه المنطقة.