حصادنيوز-افتتحت الدورة البرلمانية العادية لهذه السنة في الجزائر على وقع أزمات المنطقة خاصة في النيجر، الأمر الذي جعل رئيسي غرفتي البرلمان يشددان على أولية تعزيز استقلال القرار الوطني وتحصين الجبهة الداخلية، في وقت ينتظر أن تكون الدورة الحالية على الصعيد الداخلي، حبلى بقوانين مفصلية وخلافية مثل قانون الأحزاب والقوانين المنظمة لقطاع العدالة.
وفي كلمته، قال صالح قوجيل وهو رئيس مجلس الأمة والرجل الثاني في الدولة من الناحية البروتوكولية، إنه “بعد ثلاث سنوات أعطينا المفهوم الحقيقي للاستقلال السياسي”. وأبرز أن الرئيس عبد المجيد تبون مد يده للجميع لبناء الجزائر الجديدة وتم تحقيق ما يزيد عن 75 بالمائة من التزاماته”، واعتبر أنه “لما يصبح لدينا الاستقلال الاقتصادي يمكن أن نواجه أي شيء”.
وعاد قوجيل إلى مبادرة لم الشمل التي تم الحديث عنها السنة الماضية، مؤكدا أنها “مبادرة الرئيس لتمتين الجبهة الداخلية وليست مبادرة أي أحد وعلى الأحزاب أن تدعمها وفق الدستور”. وبدا حديثه في هذه النقطة، متوجها لبعض من انتقدوا مؤخرا انفراد رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة في الحشد لفكرة تحصين الجبهة الداخلية، حيث كانت أحزاب قد عبرت عن رفضها لأن يكون هناك وساطة بينها وبين الرئيس في هذا الجانب.
كما تناول رئيس مجلس الأمة موضوع عدم انضمام الجزائر لـ”البريكس”، مشيرا إلى “أننا سواء كنا أو لا في هذه المجموعة، يجب أن يكون لدينا علاقات قوية ومتينة مع هذه الدول، إذ لدينا تقريبا 150 مشروع في طور الإنجاز وهو ما يجعلنا ندعم الجبهة الداخلية ومفهوم الاستقلال الاقتصادي والسياسي”.
وحول الوضع في النيجر، أكد المتحدث أن “مبادرة الرئيس تجاه الأزمة في النيجر تُقلق الكثير من الجهات، فالجزائر دعت إلى احترام الدستور في النيجر وهي ضد التدخل العسكري الأجنبي”. وتابع “مثلما لا نريد ألا يتدخل أي أحد في شؤوننا الداخلية لا نريد التدخل في شؤون دول أخرى”. واعتبر أن مقاربة التنمية في منطقة الساحل هي الأساس لحل الأزمات، مؤكدا أن “إعلان الرئيس تبون عن ندوة دولية للتنمية في الساحل سيكون له أهمية كبيرة من أجل مكافحة الإرهاب في المنطقة”.
وفي الغرفة الأولى للبرلمان، كان الخطاب شبيها حول ملف النيجر، فقد صرّح رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي بدعم مبادرة الرئيس التي تصب حسبه في عقيدة الجزائر الثابتة المبنية على الحلول السلمية عن طريق الحوار وخلق الظروف توافق الوطني الداخلي للبلدان بعيدا عن التدخلات والضغوط الخارجية.
وأكد بوغالي في نفس السياق، أن “الجزائر استطاعت أن تحافظ على مواقعها ومواقفها في عالم اليوم بفضل تلاحم مكوناتها، حيث باتت قادرة على أن تخطو خطوات إضافية، لاسيما بعدما وفرته من بيئة جاذبة للاستثمار”. وشدد على أن “وجود مؤسسات دستورية تقوم بدورها كاملا وبكل سيادة وحرية هو أهم عامل من عوامل الإقلاع والنهضة الوطنية الشاملة”، مشيرا إلى أن “الجزائر سيدة قرارها وهو أمر ليس متاحاً لكثير من البلدان”.
ولفت رئيس المجلس إلى أن “الوعي السياسي انعكس إيجابا على دور الجزائر في المحافل الدولية، وجعل منها دولة محورية لها تأثيرها إقليميا ودوليا في ظل استراتيجية التوازنات الكبرى في العالم”، وأضاف أن “ثبات مواقفها جعل منها أيضا شريكا موثوقا به في مختلف الهيئات والتنظيمات وحتى في العلاقات الثنائية”. ويصب كلام بوغالي في نفس الفكرة التي طرحها وزير الخارجية أحمد عطاف، حينما قلل من تأثير عدم انضمام الجزائر إلى بريكس، على اعتبار أنها شريكة، حسبه، في عدة منابر دولية أخرى.
وخارج المواقف الدبلوماسية، يتوقع بشأن عمل البرلمان في هذه الدورة، عرض عدة قوانين مهمة، من بينها قانون الأحزاب الذي يتوقع أن يطرح تغييرات كبيرة في المسائل التنظيمية داخل الأحزاب السياسية. ومما تسرب من مشروع القانون، أنه سيحدد عهدة رؤساء الأحزاب بما يجعل استمرار نفس الوجوه في قيادتها مستحيلا مستقبلا. ومن الأفكار الواردة أيضا، جعل المشاركة في الانتخابات إجباريا على كل الأحزاب، لتجنب خيارات المقاطعة التي تتخذها بعض الأحزاب كنوع من الاحتجاج في المواعيد الانتخابية.
كما ينتظر بالمثل، طرح مشاريع القوانين الخاصة بقطاع العدالة والتي تعرف خلافا شديدا بين الوزارة ونقابة المحامين، خاصة فيما يتعلق بمشروع قانون الإجراءات الجزائية الذي اعتبرت النقابة مضمونه يمس بحقوق الدفاع واستقلالية القضاء، وكذلك قانون العقوبات الذي سيخضع للتعديل خلال هذه الدورة.
وفي القريب العاجل، سيكون النواب على موعد مع مناقشة مشروع قانون المالية (الموازنة العامة) الذي سيكشف توجهات السلطات بخصوص قضايا الإنفاق العمومي والدعم ومواجهة عجز الميزانية المتراكم، في وقت كان الرئيس عبد المجيد تبون قد وعد بزيادات جديدة في الأجور لدعم القدرة الشرائية.