حصادنيوز– قالت وزارة الخارجية التونسية إن الوزير نبيل عمار سلم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رسالة من نظيره التونسي قيس سعيد، لم تكشف عن فحواها، في وقت تحدثت فيه مراقبون عن سعي سعيد لتوضيح موقفه من التطبيع لتبون، وسط الحديث عن “فتور العلاقات” بين الطرفين وجهود تبذلها الإمارات لإلحاق تونس بقطار التطبيع العربي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت إن عمار، الذي زار الجزائر كمبعوث خاص لسعيد، أكد لتبون “حرص الرئيس سعيد على المزيد من تمتين أواصر التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في شتّى المجالات وترسيخ سنّة التشاور حول أهمّ القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
كما ناقش عمار مع نظيره الجزائري أحمد عطاف “أبرز ملفات التعاون القائم بين البلدين والاستحقاقات الهامّة المنتظر عقدُها خلال الأشهر القادمة واتفقا على ضرورة استنباط آليات تعاون ثنائي جديدة تستجيب الى التطلعات المنتظرة لقيادتي البلدين والشعبين الشقيقين بما يُسهِمُ في إدخال مزيدٍ من الديناميكية على التّعاون الثنائي التونسي الجزائري، علاوة على تبادل وجهات النظر بشأن المستجدات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية”.
وكان الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي أكد أن جانبا كبيرا من الرسالة التي بعثها سعيد لتبون سيوضح موقف تونس من مسألة التطبيع.
وأشار العبيدي إلى أن “تعزية تونس للمغرب إثر حادث المرور الأخير، الذي أسفر عن سقوط عديد الضحايا، واستقبال رئيس الجمهورية لوزير الدولة بدولة الإمارات الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان دفع رئيس حزب جزائري أخيرا إلى الحديث عن عملية التطبيع التي يمكن أن تحدث في تونس”.
وكتب المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة “من المؤكد أن ساكن قرطاج تفطن أخيرا الى القلق الذي يعتري ساكن المرادية ولذلك أرسل وزير الخارجية التونسية برسالة الى الأشقاء في الجزائر”.
وأضاف “الجارة الغربية تعاني من مدة من التهاب حدودها الجنوبية مع دول افريقيا المضطربة واخرها النيجر بالإضافة الى معاناتها مع ليبيا التي لم تستقر. وبقيت تونس منفذا هادئا وظلت معنية باستقراره في تموقع جيوبوليتيكي لا يزعجها. حتى جاء 25 تموز/ يوليو (اعلان سعيد عن تدابيره الاستثنائية) فأصبحت تونس مقصدا لضيوف لا تستسيغهم الجزائر، من المصري إلى الإماراتي، وأصبح هاجس التطبيع يؤرقها بعد خطوات جارها المغربي”.
وتابع بقوله “أمام نبيل عمار مهمة عسيرة وهي إقناع الشقيقة الغربية وتكذيب ما راج مؤخرا في مواقع إعلامية جزائرية وعربية وحتى إسرائيلية حول إشاعات مقايضات تونسية مع إمارات الحلف الابراهيمي، مقابل حل السلطة التونسية لمأزقها الاقتصادي”.
فيما تساءل رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني عن سبب عدم نشر الجانبين التونسي والجزائري لأي صورة تجمع عمار بتبون.
وكتب على صفحته في موقع فيسبوك “لم تنشر لا رئاسة الجمهورية ولا وزارة الخارجية الجزائريتين أي نبأ أو صورة لزيارة وزير الخارجية في حكومة الرئيس للتدابير الاستثنائية أو رسالته للرئيس تبون. فيما اكتفى عمار بنشر صورته مع نظيره عطاف وبدون تسليم أية رسالة خطية، وبحضور العلم الجزائري فقط دون العلم التونسي. وهو تصرف غريب مريب، نظرا للعلاقات الأخوية بين البلدين، خاصة وأن وزير الخارجية تنقل للجزائر بتكليف رئاسي وكمبعوث خاص لرئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد ومحملا برسالة خاصة منه إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون!”.
وأضاف بقوله “هل هو “فتور القصرين” بين قرطاج والمرادية، كما أشرنا إلى ذلك منذ اتفاق العزف المنفرد للرئيس سعيد مع رئيسة حكومة أقصى اليمين الإيطالي (جورجيا ميلوني) في قضايا مغاربية إفريقية جماعية، وتواتر تصريحات “القلق” لمسؤولين جزائريين، ومقالات صحف جزائرية مقربة من أركان الحكم حول الأوضاع التونسية، وبالأخص منذ انقطاع التواصل تماما بين قرطاج والمرادية في حادثة “المكالمة” التي جرت من قصر قرطاج للتهنئة برأس السنة الهجرية والتي “سهى” عن تأكيدها قصر المرادية، وعدم النشر يجعلها في عداد العدم كأن لم تكن”.
ويأتي ذلك بعد أيام من تصريحات لعبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني في الجزائر، حذر من الدور الإماراتي في المنطقة، عقب انقلاب النيجر الأخير، مشيرا إلى أن لديه معلومات بخصوص تطبيع وشيك لتونس مع إسرائيل، بعد أن زارها مسؤول إماراتي.
لكن بن قرينة أصدر لاحقا بيانا على موقع فيسبوك تحدث فيه عما سمّاه “مؤامرة مغربية” لإثارة الفتنة بين الجزائر وتونس عبر “تشويه” بعد ما ورد في تصريحاته لوسائل الإعلام.
وأكد أن تصريحاته تأتي في إطار “الإشفاق والتخوف بخصوص الشقيقة تونس، خاصة بعد رصدنا لتصريحات من قيادات نقابية وشخصيات مقيمة في تونس تتكلم على تنامي أنواع من التطبيع، فالدافع لتصريحنا كذلك هو الإشفاق على الشقيقة تونس حتى لا تقع تحت طائلة ابتزاز بعض الجهات (في إشارة للإمارات) التي لا تريد الخير للأمة العربية عموما، ومنطقتنا المغاربية خصوصا، مستغلة بكل أسف أوضاع عدد من أقطارنا لمحاولة الدفع بها نحو خيارات تتنافى مع خيارات شعوبها”.