السعودية تستضيف محادثات بشأن الحرب على أوكرانيا

 

حصادنيوز- استضافت السعودية السبت محادثات حول الحرب في أوكرانيا اعتبرتها كييف صعبة بالنظر إلى التباينات بين الدول المشاركة فيها، وذلك في إطار مسعى سياسي جديد للمملكة الراغبة في أداء دور دبلوماسي على الساحة الدولية.

جرت الاجتماعات، التي ذكر الأوكرانيون أنها تضم ممثلين لنحو 40 دولة، في مدينة جدة الساحلية، واختتمت مساء السبت بعد ساعات عدة من المباحثات التي شاركت فيها مختلف الوفود، وفق ما أفاد مشاركون.

وكما كان متوقعا، لم يصدر أي بيان ختامي، علما أن بعض الوفود تعتزم المشاركة في اجتماعات ثنائية الأحد في جدة، بحسب المصادر نفسها.

وتحدث مصدر أوروبي عن مساحة تفاهم حول النقاط الرئيسية، وخصوصا احترام “وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها”، على أن يكون هذا الأمر “في صلب أي اتفاق سلام”.

وأفاد مصدر دبلوماسي فرنسي أن “الجهود تتضافر لتهيئة الظروف لمفاوضات منتجة”، مضيفا “هل اجتماع اليوم يخلق هذه الظروف؟ الواضح أنه لا. إنه جهد طويل الأمد”.

بدأت روسيا غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، وفشلت في محاولتها الاستيلاء على العاصمة لكنها استولت على مساحات شاسعة من الأراضي في الشرق فيما تقاتل القوات الأوكرانية المدعومة من الغرب لاستعادتها.

وقال مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الأسبوع إن الاجتماعات في جدة ستركّز على صيغة للسلام التي تطالب بالعودة لحدود أوكرانيا السابقة، بما في ذلك أراضي القرم التي ضمتها روسيا منذ عام 2014.

وقالت موسكو التي لا تشارك في اجتماعات جدة إنّ أي مفاوضات يجب أن تأخذ في الحسبان “الحقائق الإقليمية الجديدة”.

مجموعة “بريكس”

تأتي المحادثات في جدة في أعقاب اجتماعات أجريت في حزيران/يونيو في كوبنهاغن ولم يصدر في ختامها بيان رسمي.

وبحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ترأس وفد واشنطن في جدة.

في كلمته المسائية السبت، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن 42 دولة تتمثل في جدة وأن الوفد الأوكراني يدفع بصيغته للسلام المكونة من 10 نقاط والتي تدعو إلى الانسحاب الكامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.

وفي حين لم تتوقع واشنطن حدوث انفراجة كبيرة أو بيانات مشتركة، قال دبلوماسيون إن الاجتماعات هدفت إلى إشراك مجموعة من الدول في نقاشات حول الطريق نحو السلام، لا سيما أعضاء كتلة “بريكس” مع روسيا التي تبنت موقفًا أكثر حيادا بشأن الحرب على عكس القوى الغربية.

من جهتها، شاركت الصين في محادثات جدة من خلال مبعوثها إلى أوكرانيا لي هوي، وقد أبدت بكين تصميمها على “مواصلة أداء دور بنّاء من أجل تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية”.

كما أرسلت الهند وجنوب إفريقيا مسؤولين إلى جدة، في حين قالت وسائل إعلام برازيلية إن تسيلسو أموريم المستشار الخاص للشؤون الدولية للرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، شارك عبر الفيديو.

لكن البرازيل اعتبرت السبت أن “أي تفاوض فعلي يجب أن يشمل جميع الأطراف” بمن فيهم روسيا، على قول تسيلسو أموريم.

واضاف أموريم “رغم أن أوكرانيا هي الضحية الأكبر، إذا اردنا السلام فعلا، علينا أن نشرك موسكو في هذه العملية في شكل أو في آخر”.

مساع حميدة

أبرزت اجتماعات جدة “استعداد المملكة للقيام بمساعيها الحميدة للإسهام في الوصول إلى حل يفضي إلى سلام دائم”، حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية مساء الجمعة.

ورأى الخبير في السياسة السعودية في جامعة برمنغهام عمر كريم أنّ الرياض تبنّت “استراتيجية توازن كلاسيكية” يمكن أن تخفّف من وطأة أي موقف روسي مناهض لاجتماعات جدة.

تستند السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، إلى علاقاتها مع الجانبين الأوكراني والروسي، للسعي إلى أداء دور وسيط في الحرب التي مضى عليها الآن ما يقرب من عام ونصف عام. يتماشى ذلك مع خطوات دبلوماسية إقليمية شهدت مؤخرًا العمل على إصلاح الخلافات مع قطر وتركيا ثم إيران وسوريا.

وفي أيار/مايو الماضي استضافت المملكة فولوديمير زيلينسكي في قمة جامعة الدول العربية في جدة، حيث اتهم بعض القادة العرب بـ”غض الطرف” عن أهوال الغزو الروسي.

وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد “مجموعة الأزمات الدولية”جوست هيلترمان إنّه “من خلال استضافتها للاجتماع (حول اوكرانيا)، تريد السعودية تعزيز محاولتها لتصبح قوة وسيطة عالمية لديها القدرة على التوسط في النزاعات”.

وأضاف ان الرياض “تريد أن تكون في الخندق ذاته مع الهند أو البرازيل، لأن هذه القوى الوسيطة إن عملت كفريق فيمكن أن تأمل في أن يكون لها تأثير على المسرح العالمي كقادة لحركة عدم الانحياز المتجددة”.

من جهته، رأى المحلل السعودي المقرب من الحكومة علي الشهابي أن “هذه المحادثات هي مثال رئيسي على نجاح استراتيجية السعودية المتعددة الأقطاب في الحفاظ على علاقات قوية مع أوكرانيا وروسيا والصين”.

(أ ف ب)