غوتيريش: العالم يمر بأزمات متعددة

 

حصاد نيوز _ قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى “أموال أكثر وليس أقل”، مشيرا إلى أن “العالم يمر بأزمات متعددة”، وأن الحكومات والشركات والعائلات في كل مكان تشعر بالضغوط المالية.

 

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مساء السبت مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعليم العالمي، غوردون براون، حول تحويل التعليم ومرفق التمويل الدولي المعني بالتعليم، لافتا النظر الانتباه إلى القضية الحاسمة المتمثلة في التمويل المبتكر للتعليم.

 

وأشار إلى الحكومات والشركات والعائلات خفضت ثلثا الدول ميزانياتها التعليمية، منذ بداية جائحة كورونا، مشددا على أن “التعليم يمثل حجر أساس لبناء مجتمعات مسالمة ومزدهرة ومستقرة”.

 

وحذر من أن “تقليص الاستثمار يضمن فعليا حدوث أزمات أكثر خطورة في المستقبل”.

 

حاجة عاجلة لدعم التعليم

 

وأضاف الأمين العام: “نحن بحاجة إلى الحصول على أموال أكثر، وليس أقل، لدعم أنظمة التعليم”.

 

وبينما يمكن للدول الغنية زيادة التمويل من المصادر المحلية، قال غوتيريش إن العديد من الدول النامية تتضرر من أزمة تكلفة المعيشة، مشددا على أن هذه الدول “بحاجة ماسة إلى دعم التعليم”.

 

وسلط الضوء على دور مرفق التمويل الدولي المعني بالتعليم في الحصول على تمويل للبلدان ذات الدخل المتوسط من الشريحة الدنيا- والتي تعد موطنا لـ 700 مليون طفل خارج المدرسة – ولغالبية الأطفال المشردين واللاجئين في العالم.

 

وصرح الأمين العام لوسائل الإعلام بأن هذا المرفق الدولي ليس صندوقا جديدا، ولكنه آلية لزيادة الموارد المتاحة للبنوك متعددة الأطراف لتقديم تمويل تعليمي منخفض التكلفة.

 

وأضاف: “نتوقع أن ينمو إلى مرفق قيمته 10 مليارات دولار لتقديم التعليم لجيل الغد من الشباب. سيكمل المرفق ويعمل جنبا إلى جنب مع الأدوات الحالية، مثل الشراكة العالمية للتعليم، التي تقدم المنح والمساعدات الأخرى”.

 

وهنأ الأمين العام مبعوثه الخاص وجميع الدول والمؤسسات المشاركة على انطلاق عمل المرفق، داعيا جميع المانحين الدوليين والمنظمات الخيرية على دعم المرفق.

 

تحذير من انخفاض مستويات التعلم

 

وحذرت الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان من انخفاض مستويات التعلم بشكل صادم، حيث يُقدر أن ثلث الأطفال فقط الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات على مستوى العالم قادرون على قراءة وفهم قصة مكتوبة بسيطة.

 

جاء هذا البيان تزامنا مع قمة تحويل التعليم، حيث أوضحت يونيسف أن نسبة الأطفال الذين كانوا قادرين على القراءة وفهم قصة بسيطة ما قبل الجائحة، كانت النصف على مستوى العالم. أما الآن فقد انخفضت إلى الثلث.

 

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة الأممية، كاثرين راسل: “إن المدارس التي تفتقر إلى الموارد، والمعلمين غير المؤهلين والذين يتقاضون رواتب منخفضة، واكتظاظ الفصول الدراسية وتقادم المناهج تقوض قدرة أطفالنا على تحقيق إمكاناتهم الكاملة. مسار أنظمتنا التعليمية هو حكماً مسار مستقبلنا. نحن بحاجة إلى عكس الاتجاهات الحالية وإلا سنواجه عواقب الفشل في تعليم جيل بأكمله. انخفاض مستويات التعلم اليوم يعني فرصاً أقل غدا.”

 

وحذرت يونيسف من أن إغلاق المدارس لفترات طويلة ونقص الوصول إلى التعليم الجيد خلال جائحة كورونا قد أدى إلى تفاقم أزمة التعليم الموجودة مسبقاً والتي أدت إلى حرمان الملايين من الأطفال من المهارات الأساسية في الحساب ومعرفة القراءة والكتابة.

معرض يجسد أزمة التعلم

 

لجذب الانتباه إلى أزمة التعليم والحاجة إلى التغيير في جميع أنحاء العالم، كشفت يونيسف عن معرض “فصل أزمة التعلم”، وهو فصل دراسي نموذجي يمثل حجم الفشل في تعليم الأطفال المهارات الأساسية الهامة. وسيعرض الفصل عند مدخل الزوار بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بين 16 و26 أيلول /سبتمبر.

 

ثلث المقاعد في الفصل الدراسي النموذجي مصنوعة من الخشب وتعمل بشكل كامل وتوضع عليها حقيبة ظهر خاصة بيونيسف. ويمثل ذلك ثلث الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 10 سنوات على مستوى العالم والذين يُقدر أنهم قادرون على القراءة وفهم قصة مكتوبة بسيطة- التي تعتبر علامة على الحد الأدنى من الكفاءة في فهم القراءة. أما المقاعد المتبقية، فهي غير مرئية تقريباً ومصنوعة من مواد شفافة للدلالة على 64 في المائة من الأطفال الذين يقدر أنهم غير قادرين على قراءة قصة مكتوبة بسيطة وفهمها بحلول سن العاشرة.

 

دعوة إلى الاستثمار في أجيال المستقبل

 

وبينما يجتمع القادة في قمة تحويل التعليم، دعت يونيسف الحكومات إلى الالتزام بإيصال تعليم جيد لجميع الأطفال.

 

وحثت المنظمة الأممية المعنية بالأطفال ورفاههم على بذل جهود واستثمارات جديدة لإعادة تسجيل جميع الأطفال في المدارس وإبقائهم فيها، وزيادة الوصول إلى التعليم العلاجي والتعويضي، ودعم المعلمين ومنحهم الأدوات التي يحتاجونها، والتأكد من أن المدارس توفر بيئة آمنة وداعمة حتى يكون جميع الأطفال جاهزين للتعلم.

 

خطوات إلى الأمام

 

في وقت سابق من يوم السبت، افتتحت نائبة الأمين العام أمينة محمد فعاليات اليوم الثاني لقمة تحويل التعليم، “يوم الحلول”، وجددت التأكيد على الحاجة إلى التحول التعليمي؛ الإنصاف والشمول؛ إعادة التفكير في المناهج والابتكار في التدريس.

 

وشددت على الحاجة إلى تمويل أكثر وأفضل، واصفة التعليم بأنه “نظام بيئي ضخم” يدعم العديد من الأهداف السامية الأخرى ودعت إلى التحلي “بالشعور بالإلحاح” في توسيع نطاق المشاريع.

 

وأضافت: “لا مزيد من المشاريع التجريبية، نحن نعرف بالضبط ما يجب القيام به. يتعلق الأمر كله باتخاذ خطوات للأمام”.

 

تحويل موارد التعلم الرقمية إلى منافع عامة

 

ويشعر العديد من خبراء التعليم بالقلق من أن جائحة كورونا قد تسببت في أضرار لا توصف لآفاق تعليم الأطفال في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى تفاقم مشاكل انخفاض المعايير الموجودة بالفعل، حيث يتلقى ملايين الأطفال تعليماً ضئيلاً أو غير كافٍ أو لا يتلقون تعليماً على الإطلاق.

 

ليوناردو غارنييه، الأكاديمي ووزير التعليم السابق في كوستاريكا، الذي عينه الأمين العام للأمم المتحدة كمستشار خاص للقمة، أوضح الأسباب التي تجعل العودة إلى طرق التدريس القديمة خياراً خاطئاً، وكيف يمكن للأمم المتحدة أن تساعد في تقديم أفكار جديدة إلى الفصول الدراسية حول العالم ورفع المعايير التعليمية للأطفال في كل مكان.

 

وعن رؤيته لنظام تعليمي مناسب للقرن الحادي والعشرين، قال غارنييه “يتعلق الأمر بالمحتوى، بما نعلمه والتعليم الملائم”، مضيفا: من ناحية، نحتاج إلى اللبنات الأساسية للتعليم – معرفة القراءة والكتابة والحساب والتفكير العلمي – لكننا نحتاج أيضاً إلى ما أطلق عليه بعض الناس ’مهارات القرن الحادي والعشرين‘: المهارات الاجتماعية، مهارات حل المعضلات.

 

وأشار إلى أن المعلمون يحتاجون إلى نقل المعرفة من خلال إثارة الفضول ومساعدة الطلاب على حل المعضلات وتوجيه الطلاب خلال عملية التعلم. ولكن للقيام بذلك، يحتاج المعلمون إلى تدريب أفضل، وظروف عمل أفضل، وأجور أفضل، لأنه في العديد من البلدان، تكون رواتب المعلمين منخفضة للغاية.

 

ودعا إلى أن يفهموا أن سلطتهم لا تأتي من مجرد امتلاك معلومات أكثر من طلابهم، ولكن من خبرتهم وقدرتهم على قيادة عملية التعلم.

 

“في أي نشاط عمالي، الحصيلة الإنتاجية تنفصل عن الأدوات التي نستخدمها. عندما نتحدث عن التعليم، فإننا نستخدم نفس الأدوات منذ حوالي 400 عام! مع الثورة الرقمية، يمكن للمدرسين والمتعلمين الوصول إلى المزيد من الأدوات الإبداعية للتدريس والتعلم”، وفق غارنييه.

 

وأضاف: “خلال القمة، نحن نقول إن الموارد الرقمية هي ما يسميه الاقتصاديون منفعة عامة نموذجية، فهي تتطلب الكثير من الاستثمار لإنتاجها، وهي ليست رخيصة، ولكن بمجرد إنتاجها، يمكن للجميع استخدامها”.

 

وقال غارنييه: “نريد تحويل موارد التعلم الرقمية إلى منافع عامة، بحيث يمكن لكل دولة مشاركة مواردها الخاصة مع البلدان الأخرى. على سبيل المثال، يمكن للمعلمين من الأرجنتين مشاركة المحتوى مع مدرسين من إسبانيا. مصر لديها مشروع تعليم رقمي جميل يمكن مشاركته مع العديد من الدول العربية الأخرى”.