علاوة على رفضه.. تساؤلات حول مدى قدرة “الناتو” على فرض الحظر الجوي في أوكرانيا

حصادنيوز-تطالب حكومة كييف بفرض منظمة شمال الحلف الأطلسي منطقة الحظر الجوي في أجواء أوكرانيا لوقف هجمات سلاح الجو الروسي، لكن أسبابا سياسية وأساسا عسكرية بالدرجة الأولى تجعل الحلف عاجزا عن إقامة منطقة مثل التي فرضتها على العراق في التسعينات حتى حرب 2003.

ويصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الحلف الأطلسي ضرورة إقامة منطقة حظر جوي في أجواء بلاده لمنع سلاح الجو الروسي من التحليق في أجواء أوكرانيا وبالتالي تقليص الهجمات التي تتعرض لها القوات الأوكرانية في الحرب الدائرة حاليا. وجاء رد معظم الدول الغربية برفض إقامة منطقة الحظر الجوي.

وتأتي مطالبته بمنطقة حظر جوي على شاكلة ما كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد فرضته شمال وجنوب العراق سنة 1991 لحماية الشيعة والأكراد، ثم الحظر الجوي الذي جرى فرضه على ليبيا بعد حادثة لوكربي ودام ما بين سنتي 1992 إلى 2003، وكان هذا الأخير بقرار من مجلس الأمن الدولي، وهو المجلس نفسه الذي رخص بحظر على يوغوسلافيا بسبب حرب البوسنة والهرسك.

ويحتاج فرض منطقة الحظر الجوي إلى سلاح جوي ومضادات طيران لتطبيقه، ونجحت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في فرضه في العراق وليبيا ثم الحلف الأطلسي في يوغوسلافيا نظرا لضعف هذه الدول التي لم تكن تتوفر على سلاح جوي قوي بل عانت من الحصار الاقتصادي الشديد مثل حالة العراق.

ويبقى فرض منطقة حظر جوي على أوكرانيا أو في شطرها الغربي الذي لم تقم روسيا بعد بغزوه صعبا إن لم يكن مستحيلا نظرا لافتقار منظمة شمال الحلف الأطلسي التبرير السياسي ثم القدرة العسكرية. في هذا الصدد، لا تعتبر أوكرانيا دولة عضو في الحلف الأطلسي، وعليه لا يمكن استصدار قرار سياسي للدفاع عنها. كما لا يمكن استصدار قرار من مجلس الأمن تطبيقا للبند السابع الذي يجيز إقامة منطقة الحظر الجوي بسبب الفيتو الذي تتمتع به روسيا.

ويبقى الجوهري في هذا الملف هو افتقاد الغرب القدرة العسكرية الكافية لفرض هذه المنطقة ومواجهة سلاح الجو الروسي ودفاعاته. في هذا الصدد، لا يوجد تمركز كبير للطائرات المقاتلة الغربية في الدول المحيطة بأوكرانيا سواء رومانيا أو بولونيا بالأساس. كما لا توجد حاملات للطائرات الأمريكية بالقرب من بحر البلطيق تساهم في هذه العملية، إذ يشير موقع البحرية الأمريكية لوجود حاملات الطائرات في الشاطئ الغربي والشرقي للولايات المتحدة ثم وجود حاملة طائرات ترومان في المياه الإيطالية متوجهة نحو الخليج وثلاث أخرى شرق آسيا بالقرب من اليابان والصين وكوريا الشمالية. كما لا تتوفر دول المنطقة المحيطة بأوكرانيا على أنظمة دفاع جوي متطورة بعيدة المدى قادرة على تهديد الطائرات الروسية شرق أوكرانيا مثلا.

في المقابل، تتوفر روسيا على عشرات المقاتلات المتطورة من سوخوي 35 متمركزة في بيلاروسيا التي تمنحها نسبيا تفوقا على أغلب المقاتلات الغربية. ونصبت روسيا وحدات من منظومة الدفاع الجوي المتطورة إس 400 دون استبعاد إس 500، وهذا يعني استحالة قيام الطائرات التابعة للحلف الأطلسي بدوريات في أجواء أوكرانيا لمنع سلاح الجو الروسي من تنفيذ عمليات حربية.

ويجمع خبراء الحروب وخاصة سلاح الجو على استحالة إقامة منطقة حظر طيران على الدول التي تتوفر على أسطول حربي جوي متقدم وعلى أنظمة دفاع جوي متقدمة ولا سيما في حالة روسيا التي تمتلك أحسن أنظمة الدفاع مثل إس 400 وإس 500.

ويضاف إلى هذا، التصريح الذي صدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم السبت باعتباره كل دولة تشارك في منطقة حظر الطيران مشاركة في الحرب وهذا سيؤدي لردود، في إشارة إلى قصفها. وقال حرفيا “نسمع هناك أنه من الضروري إنشاء منطقة حظر طيران فوق أراضي أوكرانيا. من المستحيل القيام بذلك من أراضي أوكرانيا نفسها، ولا يمكن القيام بذلك إلا من أراضي بعض الدول المجاورة. ولكن أي تحرك في هذا الاتجاه سنعتبره مشاركة في النزاع المسلح من قبل تلك الدولة التي تنشأ من أراضيها تهديدات لبلدنا”.

وتدرك الدول المجاورة لأوكرانيا أنها ستكون هدفا للصواريخ الروسية المتطورة في حالة إقدامها على عمليات عسكرية كبيرة مثل منطقة حظر الطيران. إذ إن كل خطوة في هذا الاتجاه تعني توسيع رقعة الحرب لتشمل عددا من دول أوروبا.