حصادنيوز-نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا أعده ريتشارد اسشيتون وجين فلانغان عن قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سحب ما تبقى من قوات في مالي بأنه يتخلى عنها “للجهاديين ومرتزقة بوتين”.
وجاء في التقرير أن فرنسا تنهي أكبر عملية مكافحة للإرهاب مستمرة منذ عدة سنوات ومخلفة وراءها مساحات واسعة من الصحراء للجهاديين والمرتزقة الروس. وألمح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى أن الآلاف من الجنود سيغادرون حيث سيصدر الإعلان الرسمي في أيام قريبة ونتيجة للخلاف المتزايد بين باريس ومستعمرتها القديمة. وقالت مصادر عسكرية بريطانية إن القوات البريطانية العاملة ضمن وحدات قوات حفظ السلام ستكون عرضة لهجمات الجهاديين. ويخوض آلاف من الجنود الفرنسيين مواجهات مع مقاتلين ينتمون إلى تنظيم القاعدة وتنظيم “الدولة” منذ عام 2013 وذلك بعد محاولتهم السيطرة على العاصمة باماكو. وبرغم الجهود الدولية المتعددة والأمم المتحدة لم تستطع القوات المحلية والأجنبية السيطرة على العنف الذي انتشر للدول القريبة مما أدى لمقتل الآلاف وتشريد الملايين. وقتل فرنسي إلى جانب 9 أشخاص في هجوم على المتنزه الوطني في بينين قبل أسبوع حيث تحرك الجهاديون من الجنوب باتجاه الشاطئ. وردت فرنسا بغارات جوية أدت لمقتل 40 مقاتلا يعتقد أنهم مسؤولون عن العملية.
وفي الوقت الذي تزايد فيه العنف، إلا أن المشاعر المعادية لفرنسا في تصاعد مستمر وأثر انقلابان متعاقبان في مالي على العلاقات الدبلوماسية. وأغضبت الطغمة العسكرية الحاكمة فرنسا عندما طلبت المساعدة من شركة التعهدات الأمنية الروسية فاغنر- وهي شركة المرتزقة التي أرسلت مقاتليها إلى دول إفريقيا والمرتبطة بالكرملين، وفي الوقت نفسه أجل فيه العسكريون الانتخابات.
وطرد العسكريون قوة دنماركية صغيرة قالوا إنها جاءت إلى مالي بدون دعوة، وطلبوا من فرنسا الاحتفاظ بنزعاتها الاستعمارية لنفسها. وعقدت فرنسا في يوم الإثنين محادثات حاسمة مع حلفائها الأوروبيين بعد طرد السفير الفرنسي من مالي الشهر الماضي. وأخبر لودريان لاحقا القناة الفرنسية الخامسة بأن القوات الفرنسية المشاركة في عملية برخان ستنقل إلى جيران مالي. ونصف هؤلاء يعملون في منطقة الساحل. وقال “لو استمرت الظروف بحيث لا نستطيع التحرك في مالي فإننا سنواصل قتال الإرهاب في الدول القريبة من مالي” و “يريد منا الرئيس إعادة التنظيم ولن نخرج، لكننا نعيد تنظيم أنفسنا والتأكد من مواصلة قتال الإرهاب”.
وقال إن عدد مرتزقة فاغنر يصل اليوم إلى 1.000 في مالي. وهو أمر لا يتوافق مع الوجود الفرنسي في مالي كما يقول، مضيفا أن هدف المرتزقة المعلن هو “حماية الطغمة العسكرية”. وقال دبلوماسيون إن إعلان فرنسا عن سحب القوات الفرنسية سيصدر بداية الأسبوع ويتبع خطة ماكرون تخفيض عدد القوات من 5.000 إلى 3.000 ومغادرة ألف في العام الماضي. وتقوم فرنسا بإدارة مجموعة مهام أوروبية قد تغادر حالة غادر الفرنسيون. وهناك قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بقدرات 13.000 جندي، من بينهم 300 جندي بريطاني في مالي. وفي العام الماضي شارك البريطانيون في عملية عسكرية إلى جانب القوات المالية وقتل فيها إثنان من الجهاديين. وقال مصدر عسكري بريطاني ساهم في عمليات حفظ السلام التي تعرف بـ مينوسما، إن مغادرة الفرنسيين تعني صعوبات لمواجهة تنظيم “الدولة”في الصحراء الكبرى وجماعة الإسلام والمسلمين. وتقوم وزارة الدفاع البريطانية بالنظر في مصير 4 مروحيات شينوك في عملية برخان التي لن يحتاج إليها حالة خروج الفرنسيين من مالي، ويمكن نقلها إلى قوات حفظ السلام الدولية. وقال مصدر بريطاني “لقد نصحنا وبقوة حكومة مالي بعدم التعاون مع فاغنر. ولم تكن فاغنر ناجحة في مناطق أخرى من إفريقيا وتقوم بصراحة باستغلال الثروة المحدودة للدول التي تعمل فيها”. وقال كاميرون هدسون المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية إن سحب القوات الفرنسية بعد 100 يوم من نشر قوات فاغنر يبدو “كضربة استراتيجية للغرب”. وربما قاد الأمم المتحدة إلى نتيجة وهي أن مهمتها في مالي لا يمكن الحفاظ عليها. وقالت الصحيفة في تحليل كتبه تشارلس بريمر إن انسحاب القوات الفرنسية القريب من مالي يعد نهاية مهينة لأطول عملية عسكرية منذ نهاية الحرب الجزائرية عام 1952. وقال إن المرارة بسبب التدخل العسكري والاقتصادي الفرنسي في مستعمراتها السابقة بغرب إفريقيا أو حديقتها الخلفية أدى لرفض عملية برخان. وأعلن فرانسوا هولاند عن العملية في 2014 بعد مقتل 53 جنديا فرنسيا، ولكن الحكومة الفرنسية اعترفت ان العملية وصلت إلى طريق مسدود. ومن هنا قرر ماكرون التقليل من خسائره بسبب تصرفات الطغمة العسكرية الحاكمة وظهور المرتزقة الروس والمشاعر المعادية لفرنسا حتى بين النخبة المتحدثة بالفرنسية. وترفض باريس المقارنة بين سحب قواتها وخروج القوات الأمريكية من كابول قائلة إنها ستواصل محاربة الإرهاب من تشاد وربما من بوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا. وسيقرر ماكرون مصير عملية “تاكوبا” وهي الوحدة المكونة من 800 جندي من دول الاتحاد الأوروبي. وليس من الواضح إن كانوا ستبقى بعد خروج الفرنسيين. كما وسيترك الانسحاب أسئلة حول مصير قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تظل غير قادرة على مواجهة الجهاديين. وتعتمد الوحدات الأوروبية، 300 جندي بريطاني و 1.000 جندي ألماني على الدعم اللوجيستي الفرنسي. ويستخدم منافسو ماكرون في الإنتخابات المقبلة التدخل في مالي كسلاح للحديث عن فشله في الحرب وانجراره إلى المستنقع وخسارته حرب المعلومات وعدم قدرته على مواجهة نظام متنمر وفاسد. وعلق إريك زمور المرشح الرئاسي المعادي للإسلام “يموت جنودنا لكي تقوم دولة بإهانتنا”.